"فايننشيال تايمز": ميرتس ينتقد أفعال إسرائيل في غزة ويصفها بـ"غير المبررة"
"فايننشيال تايمز": ميرتس ينتقد أفعال إسرائيل في غزة ويصفها بـ"غير المبررة"
انتقد المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، للمرة الأولى بشكل صريح، السياسات العسكرية التي تنفذها حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، واعتبر أن "ما يحدث لم يعد مبررًا بمحاربة الإرهاب"، في إشارة إلى ما تبرره إسرائيل من ضربات متواصلة على المدنيين في القطاع.
ووفقا لما نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، الاثنين، وصف ميرتس، المعروف بتأييده التاريخي لإسرائيل، سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة بأنه غير مفهوم، مشيرًا خلال مشاركته في فعالية نظّمتها إذاعة WDR الألمانية إلى أن إيذاء المدنيين الفلسطينيين على هذا النحو لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال.
وسلّطت هذه التصريحات الضوء على تبدّل نغمة الخطاب الرسمي الألماني بشأن الحرب على غزة، في وقت تتزايد فيه الانتقادات الدولية للانتهاكات التي ترتكبها حكومة نتنياهو.
وفرضت إسرائيل منذ أكثر من ثلاثة أشهر قيودًا مشددة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في محاولة للضغط على حركة حماس للقبول باتفاق لوقف إطلاق النار، وهي خطوة فاقمت المعاناة الإنسانية التي تطال نحو مليوني مدني يعيشون في ظروف مأساوية.
اتفاق وقف إطلاق النار
أكدت مصادر إعلامية عربية ووكالة رويترز أن حركة حماس وافقت على صيغة معدلة لاتفاق وقف إطلاق النار، طرحتها جهات دولية وسيطة، بينما رفض مسؤول إسرائيلي كبير هذه الصيغة، مشيرًا إلى أن "لا توجد حكومة مسؤولة" يمكن أن تقبل بهذا المقترح، في إشارة إلى استمرار اعتماد إسرائيل على خطة أخرى صاغها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
ودافع ويتكوف عن موقف تل أبيب، وصرّح لوكالة "أكسيوس" الأمريكية بأن سلوك حماس في هذه المفاوضات كان "مخيبًا للآمال وغير مقبول على الإطلاق".
وفي تطور لافت، استقال رئيس مجموعة عمل خاصة كان من المفترض أن تتولى تنسيق عمليات تسليم المساعدات، بموجب خطة تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل، مؤكداً أن تلك الآلية "لن تكون قادرة على الالتزام بالمعايير الإنسانية الأساسية".
توسع الانتقادات الأوروبية
أدانت كل من فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، الأسبوع الماضي، ما وصفته بـ"الأفعال المروعة" التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، وهددت باتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا لم يتم وقف الهجوم وتجنيب المدنيين المزيد من الويلات.
ورغم أن ألمانيا لم تشارك في هذا البيان الجماعي، فإن فيليكس كلاين، مفوض الحكومة الألمانية لشؤون الحياة اليهودية ومكافحة معاداة السامية، عبّر خلال عطلة نهاية الأسبوع عن رفضه تجويع الفلسطينيين وتفاقم الأزمة الإنسانية، مشددًا على أن هذه الممارسات "لا علاقة لها بحماية حق إسرائيل في الوجود".
وذكر كلاين في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ أن هذه الأساليب لا يمكن أن تكون جزءًا من السياسة الخارجية الألمانية، في تلميح إلى مراجعة الموقف الرسمي الذي رسخته المستشارة السابقة أنجيلا ميركل حين وصفت أمن إسرائيل بأنه "جزء من المصلحة الوطنية الألمانية".
دعوات لوقف تصدير الأسلحة
دعا عدد من نواب البرلمان الألماني المنتمين للحزب الديمقراطي الاجتماعي، وعلى رأسهم المتحدث باسم السياسة الخارجية في الحزب أديس أحمدوفيتش، إلى وقف صادرات الأسلحة الألمانية لإسرائيل.
وقال أحمدوفيتش، في مقابلة مع مجلة شتيرن الألمانية، إن "الأسلحة الألمانية لا يجب أن تُستخدم لنشر الكوارث الإنسانية أو لانتهاك القانون الدولي".
وتأتي هذه التصريحات لتسلّط الضوء على التناقض في موقف المستشار ميرتس، الذي كان قد هاجم الحكومة السابقة أثناء معارضته بسبب تعليقها تسليم السلاح لإسرائيل.
ورغم الانتقادات المتزايدة، أبدى ميرتس منذ انتخابه في فبراير الماضي رغبة في استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في برلين دون أن يتعرض للاعتقال، رغم صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
أرقام الحرب ومأزق ألمانيا
أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية أن عدد القتلى جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة تجاوز 53500 شخص، فيما أكدت إسرائيل أن نحو 1200 شخص قتلوا في هجوم شنه مسلحو حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى 250 رهينة تم اختطافهم.
وصف وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول الوضع الإنساني في غزة بـ"الذي لا يُطاق"، وأقرّ بأن بلاده تعيش مأزقًا حقيقيًا بين دعمها لإسرائيل من جهة، والتزامها بالقيم الإنسانية من جهة أخرى،وقال: "نحن مسؤولون عن إسرائيل، لكننا في الوقت ذاته نرى معاناة الناس هناك بشكل واضح".
وشهدت مدينة القدس توترًا متصاعدًا يوم الاثنين، بالتزامن مع انطلاق "مسيرة الأعلام" السنوية، والتي يشارك فيها آلاف القوميين اليهود المتطرفين.
مضايقات من قبل الشباب
تعرض عدد من الفلسطينيين وأصحاب المتاجر في البلدة القديمة لمضايقات من قبل شباب يهود، بينما وقعت اشتباكات مع الشرطة، وفي حادثة أثارت غضبًا واسعًا، مزّق شاب يهودي نسخة من القرآن الكريم قرب باب العامود، المدخل الرئيسي للأحياء الفلسطينية في المدينة القديمة، وردّد آخرون هتافات عنصرية، بينها "لتحترق قريتك".
أكد رايمون هيمو، أحد أصحاب المتاجر الفلسطينيين في المنطقة، أن المضايقات هذا العام بدأت مبكرًا مقارنة بالسنوات السابقة.
ومن جانبه، زار إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي المنتمي إلى التيار اليميني المتطرف، ساحة المسجد الأقصى، المعروفة لدى اليهود بـ"جبل الهيكل"، وأعاد تأكيد تحديه للوضع القائم الذي يمنع اليهود من أداء الصلاة في المكان.
وقال في بيان صادر عن مكتبه: "اليوم، ولله الحمد، يمكننا الصلاة في الحرم القدسي الشريف".